ثــــــــا نــــــــــو يـــــــــــــة حـــــــــــــلــبــــــــــــــــــا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ثــــــــا نــــــــــو يـــــــــــــة حـــــــــــــلــبــــــــــــــــــا

مــــــــنــــــــــتـــــــــدى الــــطــــــــــــــــــــــلاب
 
البوابةالبوابة  الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الصبي الاعرج

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
samer_diab




المساهمات : 120
تاريخ التسجيل : 26/02/2009
العمر : 34

الصبي الاعرج Empty
مُساهمةموضوع: الصبي الاعرج   الصبي الاعرج Emptyالأربعاء أبريل 01, 2009 9:25 am

وأصبح الأعرج تاجراً. لقّنه العمّ ابراهيم كلّ شيء. اشترى له صندوقة ودلّه على دكّان حلويات في حيّ الناصرة، وأوصاه أن يملأ من الدكّان كلّ صباح صندوقته هذه بقطع الكاتو، ويدور في المدينة تاجراً.

وكانت الصندوقة تستوعب أربع دزّينات : ثماني وأربعين قطعة. يشتري الواحدة بقرش ونصف، ويبعها بقرشين ونصف.

ارتاح الأعرج الى شكل حياته الجديد بادىء ذي بدء، وحمل الصندوقة على خصره مربوطة الى عنقه بحزام من جلد لمّاع، وأخذ يدور في الشوارع منادياً بصوته الضعيف : كاتو ! كاتو !

ولكن العمّ ابراهيم أوصاه بوجوب بيع الثماني والأربعين قطعة كلّها. ولمّا انقضى نصف النهار ورأى الأعرج أنّه لم يبع الاّ سبع قطع حطّ صندوقته على رصيف شارع المعرض وأحسّ بحاجة جديدة الى البكاء. ماذا يقول له العمّ ابراهيم اذا بقي شيء من الكاتو ؟ أتكون كلّ قطعة باقية بعصاً ؟ يا ليت ! انّ القرش من زمان، اذا نقص، كان بعصاً. وثمن كلّ قطعة قرش ونصف… هذا اذا حاسبه العمّ ابراهيم على سعر الشراء، أمّا سعر البيع ؟ !

على أنّ القدر كان يخبّىء للأعرج – لبصقة الحياة على الرصيف – أشدّ ممّا كان يتوقّع. فلمّا أظلم الليل، وهمّ بالرجوع الى الكوخ، دنا منه وراء المدرسة اللعازارية، في ذلك الطريق الموحش، ثلاثة صبيان، الكبير فيهم من سنّه. وما كاد يراهم مقبلين نحوه حتّى ارتعد، كأن الهاماً نزل عليه بأنّهم يريدون به شراً. وكانوا يغّنون ويلّوحون بأيديهم في الفضاء، وزعيمهم ذو القمباز الطويل ينفخ بأنفه كالحيوان.

وقف الأعرج على رجله الصحيحة، وأدار وجه صندوقته الى حائط المدرسة، وانتظر. فتقدّم الزعيم ونظر يميناً وشمالاً، ولمّا تيقّن من أنّ أحداً لا يراه صفع التاجر الصغير على وجهه صفعة طاش لها دماغه في رأسه، وهجم الثلاثة على الصندوقة، فنهبوا أكثر ما فيها وأطلقوا سيقانهم للريح، يزدردون الحلويات ويقهقهون.

وحينما عاد الأعرج في المساء الى الكوخ نال نصيبه أربعاً وثلاثين عصاً : حساباً مضبوطاً على سعر البيع… كما حدّثه قلبه في الطريق.

اسودّت الدنيا في عينيه. لأن الرواية كانت تتكرّر كلّ يوم، وصبيان الشوارع المشرّدون في بيروت كثيرون ينازعون الكلب على عظمته، فكيف بقطع الكاتو اللذيذة !… ما يكاد يراهم عن بعد حتّى يأخذ في الركض. ويالها من ركضة على رجله العوجاء ! رأسه ينخلع على صدره، وصندوقته ترقص على خصره، والحلويات يختلط بعضها ببعض وتتحطّم وتسيل، وتصير أشبه ما يكون بالوحل.

ذات يوم أطبق الغلمان الأشرار عليه في حيّ الكراويا وأخذوا يشدّون بشعره، وأمسكه أحدهم برجله – أيّاها – يدقّها بحجر ويسخر منه :

- يا أعرج ! يا أعرج !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الصبي الاعرج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الصبي الاعرج
» تابع الصبي الاعرج
» تابع الصبي الاعرج
» تابع الصبي الاعرج

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ثــــــــا نــــــــــو يـــــــــــــة حـــــــــــــلــبــــــــــــــــــا :: المنتديـــــــــــــــات :: مــنــتـــديــات الــلــغـــــــــــات :: منتدى اللغة العربية-
انتقل الى: