لعل هذا الاقتراح يكون خطوة ضمن الخطوات التي يمكن أن تحد وتوقف من عملية القرصنة التي تئن منها الشركات ، ويئن المواطن العربي من الأسعار الباهظة للبرامج والأجهزة ، وفي الوقت نفسه سيصبح من غير المجدي لأي جهة استمرارها في عملية القرصنة باعتبار التيسر المتوقع حدوثه في عملية البيع للأجهزة والبرامج 0 إن عملية التخفيف عن الفرد الطموح إلى تطوير ذاته ومجتمعه لابد وأن يكون هاجس كل مؤسسة أو أفراد لهم دور في صنع القرار في عالمنا العربي، ولا يمكن الاكتفاء بمعسول الكلام لتحقيق هذا الهدف ، بل لا بد من القيام بجهود حثيثة وعملية وواقعية للوصول إلى نتائج مثمرة تعود بالخير على الفرد والمجتمع والأمة0 نحو استثمار أذكى للكمبيوتر أضحى انتشار أجهزة الكمبيوتر في العالم قضية تستحق المناقشة والتفكير ، فهذا الجهاز - بدون شك - يمثل إحدى صور الحياة المعاصرة و المستقبلية ، وسيبقى مسيطرا على أساليب الحياة المختلفة - والله أعلم - لفترات طويلة مع ما تحمله الحياة من متغيرات قد تفاجيء البشرية بما لم يخطر لها على بال والتوسع في استخدام هذا الجهاز ليس بالأمر السهل فقد بسط نفوذه على كثير من الأعمال التجارية والعلمية والشخصية ، وليتني أجد بين يدي إحصائية بعدد الذين يمتلكون هذا الجهاز بصورة شخصية في العالم كله وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص ، لعلي أستأنس بها في معرفة عدد المستفيدين استفادة حقيقية من الذين جعلوه في بيوتهم أو مكاتبهم كالتحفة الجميلة التي يفاخرون بامتلاكها ، أو في بعض الحالات كلعبة من ضمن لعب الأطفال لكنها بين أيدي الكبار أي جهاز أو آلة يمتلكها الفرد أو المؤسسة لابد من استثمارها قدر الإمكان حتى يمكن اعتبار قيمتها المادية المدفوعة في شرائها في مكانها الصحيح ، وخاصة إذا كانت القيمة هذه باهظة ، وإن لم تستثمر هذه الأجهزة بطريقة صحيحة فمن المؤكد أن ما دفع من أجل شرائها أضحى في مهب الريح كثير ممن يمتلك الكمبيوتر بصورة شخصية أو مؤسسية لا يعرفون من استخدامه إلا الحد الأدني ، ولو أنهم حاولوا لوجدوا أنفسهم أمام عالم فسيح مفعم بالخبرات والمهارات التي تساعدهم على تطوير أدائهم الوظيفي ، وتمكنهم من تنظيم أعمالهم وبعضهم لايعرف من هذا الجهاز - رغم ضخامة المبالغ التي دفعوها لشرائها - إلا عالم الألعاب والترفيه البريء وغير البريء ورغم أن البعض يحاول استثماره في مجال عمله تطويرا لأدائه وتنظيما لإنتاجه العلمي والفكري إلا أن العديد من المعوقات تحول دونه وما يرغب ، على سبيل المثال يوجد الكثير من المعلمين ممن أصبح على صلة قوية بالكومبيوتر ولديه من الطموحات الشيء الكثير ، لكنه يواجه بعدم موافقة مدير المدرسة أو الموجه على استعمال الجهاز في أي جزئية من عمله ، لعلل وتبريرات ليس لها أي حجة علمية أو منطقية ، اللهم إلا جهل هؤلاء المعارضين بحقيقة الجهاز ومدى الفائدة التي يمكن جنيها من وراء استعماله على المعلم والطالب والعمل نفسه ولا أدري هل سيبقى هذا النوع من التفكير والرؤية غير العادلة تجاه الكمبيوتر إلى أجل طويل أم أن هذه العينات سينساها الزمن ويتركها تعيش في أوهامها من الخوف والريبة في أمانة ومصداقية المعلمين ، ولا أدري إلى متى يظن هؤلاء المترددون أنهم باقون في أماكنهم واستمرارهم في إصدار قرارات المنع وملاحقة المعلمين الذين يستعملون الكمبيوتر في تنظيم أعمالهم التدريسية أو الإدارية 00
الكمبيوتر هذا الجهاز الذي صنع أصلا ليخدم الإنسان ويساعده في تطوير أعماله والارتقاء بمستويات الأداء للأفراد والمؤسسات لايمكن أن نقف أمام وجهه ، ولو حاول البعض ذلك اليوم فإنهم أمام خيارين لا ثالث لهما ، فإما أن يستسلموا في نهاية المطاف أو أن ينصرف عنهم التاريخ إلى آخرين غيرهم ، لأنهم لا يستحقون الدخول في عالم مليء بالمتغيرات والتجديدات وليس لديهم القدرة على مجاراة المستجدات وبالتالي فهم أول الخاسرين وليس هؤلاء وحدهم الذين سيخسرون أنفسهم بل يمكن أن نضم إليهم كل الذين لا يحاولون الاستفادة من إمكانات هذا الجهاز واكتفوا منه بالمستويات الدنيا من خدماته وهؤلاء لا يختلفون عن الفئة الأخرى التي تحارب الجهاز والمستخدمين له ومن الوسائل التي تعين على الاستفادة القصوى من الكمبيوتر مداومة الإطلاع على آخر الأخبار وأحدث ما وصل إليه عالم الكمبيوتر فهو عالم لا يقف عند حدود اليوم أو الأمس ، بل هو عالم الغد دائما ، فأيما أمرئ يملك جهازا ولا يبادر إلى الإطلاع عن طريق القراءة في الكتب و المجلات المتخصصة ، إلى جانب الاستفسار من أهل الخبرة والممارسين السابقين له وزيارة الأماكن التي تتعامل مع هذا الجهاز بيعا وتسويقا حيث الجديد الدائم هناك فهو يحجم نفسه وقدراته ، وبالتالي يتخلف عن الركب خطوات واسعة جدا ليس هذا الكلام دعاية لمؤسسات الكمبيوتر ولا المطبوعات الخاصة به ، وإنما هي محاولة لتوجيه الانتباه إلى الأساليب الصحيحة في تطوير الأداء للفرد والمؤسسة ، ولايكفي أن يشتري الفرد أو تمتلك المؤسسة مجموعة من الأجهزة دون عملية التطوير المستمرة وتوفير آخر المستجدات المساعدة في عملية التطوير، وإلا ستصبح هذه الأجهزة مع الأيام مجرد أكوام من الآلات التي عفا عليها الدهر وليس لها مكان في عالم الغد المتجدد