يكثر الحديث في الآونة الاخيرة عن ظاهرة الاحتباس الحراري وإنخفاض الحرارة المتسربة عن الارض والغلاف الجوي الى الفضاء الخارجي مما زاد في حرارة سطح الأرض بما يكفي لتكسير وزحف الغطاءات الجليدية نحو البحار مما يزيد من مستوى سطح البحر و يؤدى حدوث الفيضانات في شتى أنحاء العالم .. كما تؤدي زيادة إستخدام الطائرات النفاثة التي تخرج من محركاتها أطناناً من بخار الماء في الهواء العلوي الى بعض التغيرات المناخية أيضاً، فيتجمد هذا البخار في طبقة السترانوسفير الى بلورات رقيقة كسحب شفافة يعتقد العلماء أنها تكون ضباباً رقيقاً يعنعم النشاط الشمسي فيجعل الارض أكثر برودة أو يحفظ الحرارة الباطنية فيجعل الارض اكثر دفئاً وحرارة مايجعل حالات الاختناق والتسمم والتأثير الصحي نتيجة تركز الملوثات في الهواء والتي هي في معظمها ناتجة من تزايد استهلاك الطاقة من مصادرها الملوثة مع حدوث الضباب الذي يتفاعل مع هذه الملوثات منتجاً مواداً سامة أو أنها تؤدي الى حدوث حالات الاختناق وقد سجلت حادثة تلوث بيئي في الولايات المتحدة في شهر أكتوبر عام 1948م في ولاية بنسلفانيا وهي مدينة صناعية تقع على جانبي نهر موتونكاهيلا وخلال أربعة أيام سادها الجو الساكن تفاعل الضباب مع الملوثات وحدثت «17» حالة وفاة وأصبح أكثر من نصف سكان المدينة في حالة مرض.
كذلك في لندن حصلت حالة مشابهة هي أكثر سوءاً حيث توفي حوالى 4000 شخص عام 1952م من جراء البرد الشديد والضباب مما أضطر الناس الى زيادة التدفئة بإحراق المزيد من الفحم مما رفع كمية الدخان المتصاعد في سماء المدينة وبلغت نسبة غاز ثاني أنعميد الكبريت في الجو ضعف النسبة العادية، وعندما استقر الضباب والدخان لمدة خمسة أيام في أجواء المدينة أدت بالتالي الى هلاك ذلك العدد الضخم إضافة الى الاعداد الهائلة من المرضى لم يكن بالإمكان إحصاؤها في حينها و تكررت الحالة عام 1962م حيث استمر التلوث لمدة أربعة أيام بظروف جوية مماثلة للحالة السابقة وكان عدد الوفيات في هذه الحادثة 340 حالة وفاة أي ما يعادل أقل من عشر ضحايا أحداث 1952م بسبب إتخاذ بعض التدابير التي من شأنها التقليل من المخاطر في ذلك الحين حيث نصح المتقدمون في السن والذين يعانون من امراض في الجهاز التنفسي بالبقاء داخل بيوتهم وتحديد نشاطهم وأعمالهم الخارجية.
ويعزى ماحدث سابقاً وما يحدث الآن ويهدد بكوارث طبيعية الى الافراط الزائد في إنبعاث الغازات السامة والملوثات الصناعية ومنها إزدياد كمية ثاني اكسيد الكربون في الهواء خلال المئة و العشرين سنة الماضية من 11.5٪ الى 14٪ وتحول في الفترة ذاتها إلى حوالى 127*10 طن متري من الكربون الكامن في الوقود الاحفوري والحجر الجيري الى ثاني اكسيد الكربون الذي ينطلق الى غلافنا الجوي، وقد أسهمت صناعة الاسمنت بحوالي 2٪ من هذه الكمية وتبقى النسبة الأعلى 98٪ من إحتراق الوقود الاحفوري اضافة الى ما يحدثه الانسان من إزالة الغابات والحشائش مما يسهم بإطلاق حوالى 70*10طن متري من ثاني إنعميد الكربون الى الغلاف الجوي، وإذا ما أستمر الوقود الاحفوري يمثل المصدر الرئيسي للطاقة فإن الكمية مرشحة لتزيد بحوالى 20 ضعفاً عما هو حالياً خلال المئة سنة القادمة